السَّـلامُ عَلَيْكُـمْ وَ رَحمَـةُ اللهِ وَ بَرَكاتِه~
بسم الله الرحمـن الرحيـم..
الحمـدلله والصـلاة والسـلام على رسول الله وبعد..
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء،والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة.
وأذكر أني قرأت في كتاب :- أن معنى أحصاها :- عرفها وفهمها وعمل بها,وتعبد لله بها.
فمن عرفها وفهمها وعمل بها , نال سعـادة الـدارين.
وفي هذا فكرة:- فإن المعـرفة الحقـة لا تتم إلا بالفهم والعمـل, فقد لا تجنـي الفـائدة الكبرى,إن حفظت أسماء الله الحسنى ولم تفهمها ولم تعمل بها..
واليـوم –بإذن الله- سنتعـرف على اسمين من أسماء الله الحسنـى..
ألا وهما الرحمـن والرحيـم...
الرحمـن.. حين تسمـع هذا الاسم أو تقـرأه..
ماذا تحس فيه؟..
ألا تحس الرحمـة بكل معـانيها, الرحمـة التي لا تنقطـع ولا تنفـد , الرحمـة التي تحيـط بك, وتجـدها في كل شيء, أفـلا تأمـل أن تنـالها؟..
رحمـة الله .. نفحـة هبـت على الكـون فعطـرت أرجـاءه بالرجـاء, وعـدم اليـأس, والتفـاؤل وحسـن الظـن بالله..
رحمـة الله..بحـار لا تنضـب ولا تنتهـي, هي للخلق جميعهـم إنسهم وجانهم,مؤمنهم وكافرهم,بإيجـادهم وتربيتهم وإعطائهم, ورزقهـم.
رحمـة الله.. في هـدايتنا بالـدين القـويم وإرسـال الرسـل, ليبينـوا لنا أسس الدين الذي به نعيش الحياة الأفضل,الحياة التي تلائم فطـرتنا..
رحمـة الله.. في إعطـائنا الفطـرة منذ ولادتنـا, الفطـرة النقية التي قد نلوثها,إلا أنها تعـود نقيـة..
رحمـة الله..مـن أبدع صورها أن سخـر لنا المخلـوقات والجمادات والأرض (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً)الملك _ (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعـاماً فهم لهـا مالكـون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلـون)يس.
برحمته –عز وجل- ..ينام المرء على صخرة فكأنه ينام على ريش النعـام, ويأكل كسـرات الخبز كأنه يأكل أفخـر الطعـام..
برحمته أنجـى الأنبياء المرسلين –عليهم السـلام-
برحمتـه عـز وجل..يبتلي عبـاده بالمـحن إما ليردهم إليه, و إما ليرفع عنهم خطاياهم.
برحمته عـز وجل..حرم الحرام لأنه لا يرضاه لعبـاده ولأن الحرام يضـرنا ولا ينفعنا وإن أحببناه..
برحمته عـز وجل..فتـح لنا باب التـوبة , إلى حين طلـوع الشمس من مغربها,فيا عاصيا تب,فرحمة الله وسعت كل شيء أفلا تأمل نيلها؟,فإنك إن كنت غريقا في بحر فتتمسك بأضعف قطعة خشب لتنجو..فما بالك لا تتمسك بأعظم سبب للنجاة..
برحمته عـز وجل أحق علينا الموت,فيموت الغني والفقير والسيد والعبـد,والأمير,والخادم
ومن رحمته أن خلق لنا يوم القيامة وخلق الجنة والنار,ليجازي كلاً بما عمل,فما أعدله عـز وجل!..
برحمته جعل لنا أيسر الأعمال بأعظم الحسنات,فمثلاً ذكر الله ثوابه عظيم ولو كان ثوابه فقط (فاذكروني اذكركم)لكفاه شرفاً.
رحمة الله عز جل سبقت غضبه,فقد قال –صلى الله عليه وسلم-:-(لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العـرش إن رحمتي تغلب غضبي). متفـقٌ عليه. وهذا كالعهد منه –عز وجل- للخليقـة برحمتهم والحلم بهم والتجاوز عنهم وإمهالهم.(ولو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمـى,....)فاطر-45
هل سمعتم بقصة المرأة التي أسرت في إحـدى الحروب؟..لقد كانت هناك امرأةٌ من السبي تبحث عـن ولدها,تود لو تجده وتضمه إليها,وتقبله, وتفيض عليه من عطفها وحنانها..تخيلوا مقـدار عطفها عليه ورحمتها حين وجدته..كيف لا أو ليست أماً؟..وحين رآها الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال:- ((الله أرحم من هـذه بولدها)).
وقد ورد في حديث شريف ((جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) رواه البخاري. فما أعظم رحمة الله عـز وجل!
.
.
.
ليس هكـذا!..
فليس معنى أن تـرجو رحمة الله أن تتـرك الطاعات ولا تـؤوب وتعصي الله ولا تتـوب..ثم تقـول "الله غفـور رحيم"..
فهـذا من الرجاء المذموم لرحمة الله عـز وجل, إنما رجاؤها يكون إما بعمل الصالحات والرجاء من الله أن يتجاوز عن تقصيرك ويوفقك ويتقبل منك عملك فيها وتحاول تعويض التقصيـر , أو أن تكـون تائباً من معاصي وترجو من الله أن يتقبل توبتك.
واملأ قلبك بالرحمة فـ(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السمـاء)و (الراحمون يرحمهم الله) و(ارحموا ترحموا ,واغفروا يغفر لكم).
إلى هنا ينتهي شـرح اسمي الله الجليلان (الرحمن,الرحيم).. آمل أن تكـونوا قـد استفـدتم منه..
ونلقـاكم في شـرح آخر بإذن الله العلي القـدير.
نتقبـل انتقـاداتكم وملاحظاتكم^^وتأكـدوا أنها لا تـزعجنا فنحن نسعى لنفعكم وتقـديم الأفضل لكم
..وفقكم الله , و أسـأل الله أن تكـونوا قـد انتفعتم بهذه السطـور المتـواضعـة..
اللهم إنا نسألك أن يكون عملنا خالصـاً لوجهـك الكريم..
اللهم ارض عنا و وفقنا لما تحـب و تـرضـى,واغفـر لنا و ارحمنا وتقبـل منا, إنك أنت الغفور الرحيم.