من أعلام بيت النبوة (أبو عبدالله جعفر الصادق)

هو الامام المعتمد في علوم الدين ومن ابرز اعلام بيت النبوة في المدينة المنورة: ابو عبدالله جعفر الملقب بـ(الصادق) بن محمد الملقب بـ(الباقر) بن علي الملقب بـ(زين العابدين) او (السجاد) والذرية الذين ينتسبون الى سيدنا الحسين –رضي الله عنهم جميعاً- منه هذا نسبه من جهة الاب....
اما نسبه من جهة الام فينتهي بوزير رسول الله ورفيق حياته في الجاهلية والاسلام واعز الناس اليه وخليفته من بعده سيدنا ابي بكر الصديق رضي الله عنه – فأم الصادق هي: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق، وأمها جدته لامه- أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق ... وكان الامام جعفر الصادق يفتخر بهذا النسب فيقول: ولدني ابو بكر الصديق مرتين !! وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه زوج احدى جداته وهي ام كلثوم بنت فاطمة الزهراء وابوها علي بن ابي طالب- كرم الله وجهه- هذا هو نسب الصادق من جهتين الاب والأم!!....
وكان جعفر الصادق رضي الله عنه عالماً موسوعياً احاط بجميع علوم عصره وفقيهاً متميزاً كثير الروايه عن جده لامه الفقيه المشهور القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق احد الفقهاء السبعة الذين حملوا فقه اهل المدينة والذي آل الى عالم المدينة بلا منازع الامام مالك بن انس رضي الله عنه الذي دون كثيراً منه في موطئه المشهور الذي اراد الخلفاء، ابو جعفر المنصور ثم المهدي ثم الرشيد ان يعممه على المسلمين كافة فأبى الامام مالك ذلك لان الفقه واسع افقه عند الفقهاء يختلف باختلاف الزمان والمكان. فلا يلزم المسلمين فقه فقيه واحد وبهذا المعنى روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (اختلاف امتي رحمة).....
وكان القاسم قد اخذ الحديث عن عمته العالمة الفقيهة ام المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وكذلك اخذ العلم عن السبطين العالمين الحسن والحسين وعن حبر الامة عبدالله بن عباس وعلى الجملة كان القاسم فقيهاً بحق وناقد الرواية والحديث ذا الباع الطويل في علوم الدين !!
وكذلك قد اخذ الامام الصادق علوم الشريعة فضلاً عن جده القاسم عن اباه الباقر وعن جده زين العابدين حتى بلغ في العلم والفقه منزلة كبيرة والعالم الفقيه الذي تسير اليه الركبان ويقصده طلبة العلم من كل فج عميق ...
وحدث عنه امام العراقيين ابو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي وكان من اقران الصادق في السن وكانت بينهما اسئلة واجوبة ومحاورات علمية وفقيهة.
وكان الامام ابو حنيفة معجباً بعلمه وبسلامة رأيه واستنباطه للاحكام الشرعية فقال فيه: ما رأيت افقه من جعفر بن محمد –يعني الصادق- وكذلك اخذ عنه وتأثر به كبار فقهائنا منهم : جريج ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري، وسفيان بن عينية ، والامام مالك ... وهكذا انتظمت هذه السلسلة بكبار فقهائنا فتكونت لنا ثروة غزيرة من علمي الفقه والحديث تفخر بهما اجيال المسلمين على امم الارض الى يوم يبعثون !! هذه الثروة من العلوم عالجت كثيراً من قضايانا الحيوية خلال فترات التاريخ ووضعت لنا الحلول الشرعية المناسبة على مـــدى الازمان ....
ولد الامام جعفر الصادق رضي الله عنه في المدينة المنورة مدينة ابائه واجداده سنة 80 هجرية على الارجح وفي هذه السنة بالذات ولد الامام ابو حنيفة وعمه زيد بن علي زين العابدين وكانت وفاة الصادق ايضاً في المدينة المنورة سنة 148 هجرية وكان له من الولد ستة وهم :عبدالله وكان يكنى به ،وإسماعيل ، ومحمد ، وعلي ، وعباس ، وموسى .....

حياته الأخيرة ووفاته
بعد جهاد طويل وحياة مفعمة بأعمال الخير, ونشر علوم الدين ومصارعة البغي والفساد رحل عن دنيا الناس هذا الامام الكبير بيومه الموعود ودفن بالبقيع في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ووصل خبر وفاته بغداد عاصمة الدنيا ومركز الخلافة الإسلامية فحزن المسلمون على ابرز فقهاء المسلمين وبخاصة الخليفة ابو جعفر المنصور –رحمه الله- الذي كان يجله كثيراً ويحترمه اشد الاحترام ويرعى فيه صلة الرحم وحقوق العمومة وفي رواية اليعقوبي المذكورة في تاريخه التي تقول : قال إسماعيل بن علي : دخلت على ابي جعفر المنصور وقد اخضلت لحيته بالدموع وكأنه متأثر من مصيبة وألمه أمر جلل وقال لي أما علمت بما نزل بأهلنا؟ فقلت وما ذاك يا أمير المؤمنين؟! قال: فأن سيدنا وعالمنا وبقية الأخيار منا توفي !! فقلت: ومن هو يا أمير المؤمنين ؟! قال: أبن عمنا جعفر بن محمد !! قلت : أعظم الله أجر أمير المؤمنين! وأطال بقاءه!! فقال ( إن جعفراً ممن قال الله فيهم ( ثم أورثنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا) (فاطر :32) وكان هو من السابقين في الخيرات !!).
انتهت رواية اليعقوبي، ولم يذكره أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (( مقاتل الطالبين)) انه قتل مسموماً كما أشاع الآخرون ....
فرضي الله عن ساداتنا فقهاء المسلمين وأخصهم بالذكر أمامنا جعفر الصادق .. وسلام على الأولين والآخرين منهم ، وجزاهم الله خير الجزاء عما قدموه من خير الأعمال لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ومما يحييهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة أنه سميع مجيب